ما هى المواد التى تدخل فى صناعات الطعام والتى تأتى من الخنزير والمواد المسموح بها ؟

قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم} (البقرة:172)، وقال: {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب} (المائدة:3). وقال: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} (المائدة:90).
للأغذية جوانب صحية كما أن لها جوانب دينية، وتحتاج إلى متابعة ومراقبة، وذلك للحالات المختلفة التي يظهر فيها هذا الجانب الحساس. ومعلوم أن المسلم، بشكل عام، حريص على مطعمه أن يكون حلالاً.
 والناظر إلى أسواق الأغذية في الوقت الحاضر وواقع المستهلكين المسلمين فيه يجد أنهم في حيرة من أمر الأطعمة الواردة من غير البلاد الإسلامية، بل من بعض تلك المصنعة في بلدهم، وذلك لتنوع وتعدد مصادر المكونات الأولية المستوردة من شتى بقاع العالم.
وقد تشكك كثير من المسلمين في مصداقية العبارات المطبوعة على ملصق عبوات اللحوم "حلال" وكذلك في مصداقية شهادات الذبح الإسلامي حيث إنها تارة تصدر عن مسلمين مجهولي الحال وتارة عن جهات غير مسلمة، وكذلك في أصل مكونات المواد الاستهلاكية هل هي من مصدر نباتي أو حيواني مسموح به شرعاً، الأمر الذي اعتبره البعض مما عمت به البلوى. والمسلم مطالب بأن يتحرى في طعامه، حتى لا يكون مصدره من حرام. عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل جسد نبت من سحت فالنار أحق به" أخرجه أحمد في المسند (ح 14441) والترمذي (ح 614) بلفظ "إنه لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به"، وهو حديث صحيح. وقال: "إن الحلال بيّن وإن الحرام بيّن، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات، استبرأ لدينه وعرضه. ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وأن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب" (متفق عليه: خ 52، م 1599) وهذا اللفظ لمسلم.
والمراد بالشبهات أن يتردّد الأمر بين التحليل والتحريم. وليس المشتبه حراماً، ومَنْ واقَعَ المشتبه لا يصح القول إنه ارتكب محرَّماً. لكن الورع اجتناب المشتبه، والورع رتبةً في الدين عالية، ومن حرص على أن يكون من أهلها فهو مثاب على ذلك إن شاء الله (محمد سليمان الأشقر). 
لذا ارتأينا، ومن خبرتنا في هذا المجال، ضرورة قيام جهة إسلامية، حكومية أو أهلية معروفة تتبنى مسؤولية الأمانة في نقل خبر "الحلال" أو "صناعة الحلال".
ولعله من المفيد في ذكر مقتطفات من الندوتين الثامنة والتاسعة للمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية (الإسلام والمشكلات الطبية المعاصرة) اللتين انعقدتا في دولة الكويت في السنتين 1995 و1997م على التوالي، لتعطي تلميحاً لأحد الآراء الشرعية في مشروعية استعمال المواد المحرمة والنجسة في الغذاء دون التعرض للآراء الشرعية الأخرى ففي تقارير هاتين الندوتين ما يلبي حاجة الراغبين في الاستزادة حول هذا الموضوع. وهدفنا من ذكر رأيٍ شرعي واحد أن نبيّن أنه هو الرأي الذي اطمأنت إليه نفس كاتب هذا الكتاب.
لماذا المطعم الحلال؟
إن للأكل الحلال والطيب من المطاعم أثراً عظيماً في صفاء القلب واستجابة الدعاء وقبول العبادة، كما أن الأكل من الحرام يمنع قبولها. قال الله تعالى عن اليهود: {أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم، لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم، سماعون للكذب أكالون للسحت} (المائدة 41، 42) أي الحرام. ومن كان مطعمه حراماً كيف يطهر الله قلبه، وأنى يستجاب له. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: "يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً" (المؤمنون: 51). وقال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم" (البقرة: 173). ثم ذَكَرَ الرجلَ يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يقول يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك" (مسلم 1015) وأخرجه أحمد والترمذي.
إن الله سبحانه وتعالى عليم بأحوال عباده، خبير بما ينفعهم وما يضرهم، وقد نزَّل على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم شريعة الإسلام التي جاءت بكل خير وحذرت من كل شر. وإنه سبحانه حرم المحرمات للضرر الموجود فيها على العباد، وإن من تلك المحرمات لحم الخنزير، ودهنه، واللحوم الناتجة عن الذبائح المأكولة، كالدواجن، الأبقار، والأغنام إن لم تذكَّ حسب متطلبات الشريعة الإسلامية. قال الله تعالى: {إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير} (البقرة:173). وقال تعالى: {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقاً أهل لغير الله به} (الأنعام:145). وقال بعض العلماء رحمهم الله تعالى: "الخنزير أجمعت الأمة على تحريم جميع أجزائه".
والله سبحانه وتعالى إنما حرم الخبائث لحِكَمٍ عظيمة يعلمها هو، وقد تخفى على عباده. ولو اتضح للناس بعض الأسرار والحكم من تحريم الله لبعض الأشياء لما ترددوا في الالتزام بالمطعم الحلال، فإن ما يخفى عليهم أكثر، والحكمة في تحريم الخنزير والله أعلم: ما يتصف به من قذارة تصاحبها أضرار وأمراض مادية ومعنوية، وذلك لأن غذاءه المفضل هو القاذورات والنجاسات. وهو ضار في جميع الأقاليم ولاسيما الحارة كما ثبت بالتجربة. ويسبب تناول لحم الخنزير الإصابة بالدودة الوحيدة القاتلة (التريشينوز).
مواد غذائية تدخل في دائرة الرقابة الشرعية
من المواد الغذائية التي ينبغي أن تدخل في دائرة الرقابة الشرعية الأطعمة التي تدخل فيها مكونات من أصل حيواني غير مذبوح حسب متطلبات الشريعة الإسلامية، أو مما لا يباح أكله كالخنزير، أو يدخل في تصنيعها الكحول، ويمكن تلخيص هذه الحالات كالتالي:
أولاً- الأغذية المصنعة التي يدخل في تصنيعها المواد التالية:
أ- الجيلاتين (Gelatin, E441    ). هي مادة هلامية تميل إلى اللون الأصفر الغامق وأحياناً تكون ذات لون أبيض به لون أصفر، وهي شفافة هشة برائحة نفاذة مميزة أو لا رائحة لها، ولا طعم.  وتستخرج مادة الجيلاتين من بروتين الكولاجين (Collagen    ) خلال مراحل من التصنيع من جلد وعظام الحيوانات المختلفة (بما فيها الخنزير). وهناك الجيلاتين (أ) وهو يستخرج غالباً من جلود الخنازير، فيستخلص بمحلول حمضي، وله القدرة على امتصاص 3 أمثال وزنه من الماء؛ والجيلاتين (ب) ويستخرج من جلود الأبقار –فضلات المدابغ- والعظم، ويستخلص بمحلول قلوي، ويمتاز بقدرته على امتصاص 8 أمثال وزنه من الماء. وهناك الجيلاتين المستخلص من جلود الأسماك القشرية، وهو النوع الذي يفضله اليهود في تحضير أطعمتهم الكوشر (Kosher    ).
ويتميز الجيلاتين من جلود الخنزير بسهولة استخلاصه بطريقة النقع في الحامض مدةً بسيطة وبتكلفة أقل بكثير من طريقة الاستخلاص من العظام أو جلود الأبقار بالطريقة القاعدية.
وتستخدم مادة الجيلاتين في تحضير الحلويات من أمثال المارش مالو (سكر، وجيلاتين، وزلال البيض)، وبعض أنواع اللبان أو العلك، والبوظة، ومنتجات الروب، ومسحوق الهلام (الجيلي)، ومسحوق حلوى المهلبية، والعجائن، والكعك، والفطائر، وهلام (جيلي) حفظ الفاكهة، وكسوة منتجات الأسماك، وكسوة اللحم، ومحافظ (كبسولات) الأدوية، وكسوة الحبيبات لتصبح غير قابلة للذوبان السريع، والأقراص، وتحضير التحاميل (اللبوس) الشرجية والمهبلية لأنه يذوب بفعل حرارة الجسم، ومعاجين الأسنان، والمراهم، والكريمات.
إن تحديد نوع الحيوان الذي هو منشأ الجيلاتين أمر لا يمكن تحقيقه بإتباع إجراءات التفتيش الغذائي أو طرق التحليل المعتمدة في الوقت الحاضر. ومن هنا يجد المستهلك نفسه في الوقت الحاضر عاجزاً عن تبين الحقيقة، نظراً لأن الملصقات التي تثبّت على المواد الغذائية تخلو بصورة عامة من هذه المعلومات (أعمال الندوة الفقهية الطبية الثامنة ص 510 و579). ويعتقد بعض العلماء بأنه ستتوافر مستقبلاً أساليب مختبرية ذكية ستتمكن من إثبات منشأ انتماء الجيلاتين البقري إلى الفصيلة البقرية والجيلاتين الخنزيري إلى فصيلة حيوان الخنزير (د.رمضان أبوكنيشة العربي-جامعة كنغز كولج لندن) مما يثبت بأن حقيقة أصل البروتين التابع لكل فصيلة مازال موجوداً. 
ب- الإنفحة (أو المنفحة، أو البنفحة) أو الرنين (Rennet    ) أو (Rennin ). وهي إنزيمات تستخلص من الجهاز الهضمي لمجترات صغيرة راضعة (ويحتمل من حيوان الخنزير). وتستخدم الإنفحة في صناعة الجبن. وهي قد تستخلص من مصادر نباتية وبكتيرية للمنفحة إلا أنها غالباً تستخلص من المصادر الحيوانية (أعمال الندوة الفقهية الطبية التاسعة ص 98).
ج- مصل اللبن (Whey) أو (Whey Powder). وهي مادة تنتج من صناعة الجبن بفعل الإنزيمات المجبنة وتستخدم في تطوير بعض المنتجات الغذائية مثل الحلويات.
د- الدم الكامل، بروتينه أو مشتقاته من البلازما والمصل وهي تدخل في بعض أنواع الأغذية والأعلاف الحيوانية لتحسين مستواها البروتيني. ففي دول أوربا يستخدم الدم الكامل في صناعة اللحوم كالنقانق (Sausages)، والسلامي (Salamis)، وفي إنتاج بعض اللحوم وفي الجيلي، وفي إنتاج بعض أنواع الحساء (Soups). كما تستخدم مشتقات الدم من البلازما والمصل في الصناعات الغذائية كالنقانق، والهمبورجر (Hamburger)، والفطائر (Pies)، ومستحضرات الطحين بالبروتين (Protein Flower Preparations). ويستخدم مستحلب بروتين الحليب والدم (Blood Milk Protein Emulsion) في صناعة عجائن اللحم (MeatPastes)، وشرائح اللحم المعدة للشوي (Cutlets Meat Chops)، وفي مستحضرات أغذية الأطفال (Children Food Preparations). وتستخدم مشتقات الدم في تلك الدول في المخابز ومحلات الحلويات كبديل لزلال البيض (Egg Albumin)، وتستخدم مستحضرات الدم وبروتين الحليب في تصنيع المخبوزات (Bakery Articles)، والمخبوزات المميزة (FineBakery Products)، مثل الخبز والكعك (Cakes) والفطائر (Pies) وحلوى المهلبية (Pudings). وحسب قوانين تلك الدول لا يستلزم بالضرورة الإعلان عن ذلك على ملصق العبوة مما يجعل الأمر أكثر صعوبة للمستهلكين فيها أو للمستهلكين في الدول المستوردة لتلك المنتجات (أعمال الندوة الفقهية الطبية التاسعة ص 91).     
هـ- الدهون والشحوم (Shortening) و (Fat) و (Tallow) ذات الأصل الحيواني ومنها الخنزير (Lard). حيث تسمح بعض الدول بعدم ذكر بعض مصادر الدهون للكميات القليلة منها (أقل من 0.5%) لذا، للتيقن من نوع الدهن المستعمل وخلوه من أي مصدر دهني آخر غير مذكور على ملصق العبوة يجب أن يذكر نسب الدهن المطلقة % (Fat Free) (مثل: 100% خالٍ من ــ). ويزداد الأمر تعقيداً لأن قوة هذه القوانين عادة تضعف مع المنتجات المخصصة للتصدير.
ولا يقتصر استخدام الدهون الحيوانية على المنتجات الغذائية بل يتعدى ذلك إلى معاجين الأسنان وصابون غسل الأيدي.  
و- مشتقات الخنزير (Ham, Bacon, Pork, Lard, Sowbelly, Pepperoni, Animal Shortening) ويلاحظ أن بعض هذه الكلمات أخذت تستخدم مع لحوم المواشي مثل (Pepperoni)، و(Bacon). ولا بأس بتداول هذه الكلمات في البلد الخالي من منتجات الخنزير.
وفي اللغة الألمانية تستخدم الكلمات التالية للدلالة على مشتقات الخنزير:
 Schwein, Schweinfleisch, Kasseler Rippchen, Rippchen, Schendfleisch, Schenhlrigppchen, Hackfleisch, Schweinfett, Speck, Grieben, Schwarten, Schmalz
وفي اللغة البرتغالية تستخدم الكلمات الآتية:
 Banhade Porco, Tocinho, Tocinho Defumad, Banha DePorco
ز- مركبات وأملاح دهنية يحتمل بدرجة عالية أن تكون من مصدر حيواني ما لم ينص بصراحة أنها من مصدر نباتي أو من السمك. هذه المواد هي مضافات غذائية تستخدم في تصنيع المنتجات الغذائية مثل مواد استحلاب (Emulsifiers)، ومثبتات (Stabilizers) ومغلظات التكوين (Thickeners) وملونات (Colors) وحوافظ (Preservatives) ومواد مفرقة (Anti caking Agents) و معززات الطعم (Flavor Enhancers). ومصدر المعلومات ندوات المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية (الإسلام والمشكلات الطبية المعاصرة، المواد المحرمة والنجسة في الغذاء والدواء)، ودليل الميرك (The Merck Index) حيث يمكن معرفة أصل المواد، وشبكات الإنترنت الخاصة بالخضراواتيين (Vegetarians) والتي تنبه من تواجد المضافات الغذائية ذات الأصل الحيواني آخذين بعين الاعتبار المصادر الحيوانية المسموح بتناولها لدى المستهلك المسلم (كالسمك والحليب) وهي على النحو التالي:
  
****************************************
اذا اعجبكم الموضوع نرجو نشره ليستفيد الجميع

إرسال تعليق

0 تعليقات